( فتاوى الإمام المهديّ المنتظَر عليه السلام في أحكام الصيام )
- 1 -
الإمام ناصر محمد اليماني
04 - 09 - 1433 هـ
22 - 07 - 2012 مـ
10:14 صباحاً
ـــــــــــــــــــــ
بيان المهديّ المنتظَر للصّائمين في تقديم الفدية مقابل الإفطار على الذين يطيقونه ..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على جدّي محمد رسول الله وآله الأطهار وجميع المسلمين، أمّا بعد..
فلا أجد في كتاب الله القرآن العظيم أنّه يَحقَّ للصّائمين أن يُفطروا قبل غروب الشمس وظهور الشفق. تصديقاً لقول الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} صدق الله العظيم [البقرة:187].
فبِدْء الصيام والإفطار قد جعله الله في ميقاتٍ معلومٍ في محكم الكتاب وهو من تبيان ظهور الخيط الأبيض من الفجر بالمشرق إلى تبيان ظهور الشفق الأحمر بعد غروب الشمس وهو طرف الليل عند صلاة المغرب بعد غروب الشمس كون طرف الليل يبدأ عند ظهور الشفق. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17)} صدق الله العظيم [الإنشقاق].
ولم يأمركم أن تصوموا إلى الظلمة ورؤية النجوم فتلك بدعةٌ ما أنزل الله بها من سلطانٍ، فلم يأمركم الله أن تصوموا حتى غسق الليل المظلم ورؤية النجوم كون بعض البلدان لن يظلم فيها الليل إلا في منتصف الليل قدر ساعتين أو أربع ساعات تقريباً وباقي الليل شبه ظلٍّ كمثل ميقات الظلّ الذي يكون بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس، فمن ذا الذي أفتى الصائمين بالصيام إلى ظُلمة الليل؟ ومن ذا الذي أفتى بفطور الصائمين قبل غروب الشمس؟ إنه لمن الكاذبين وقد افترى على الله كذباً.
وأما الذين يطيقون الصيام بشِقّ الأنفُسِ فلم يجعل الله عليهم في الدين من حرجٍ، فقد أذِن الله لهم بعدم صيام رمضان، مقابل أن يُفَطِّر كلّ يومٍ من أيام رمضان مسكيناً مقابل أن يَفطُر يومَه وله مثلُ أجرِ صومِه. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)} صدق الله العظيم [البقرة].
فما هو المقصود من قول الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}؟ والجواب: إنّه يقصد وعلى الذين يطيقونه بشِقِّ الأنفسِ فلم يجعل الله عليهم في الدين من حرجٍ فقد أذِن لهم أن يفطِروا في رمضان مقابلَ فديةٍ؛ وهي إطعام في كلّ يومٍ من أيام رمضان مسكيناً أو يفَطِّر صائماً عابر سبيلٍ وله مثل أجر صومه، ولكن الذين يقولون على الله ما لا يعلمون يفترون على الله الكذب بأنَّ هذه الآية تمّ نسخها، ويا سبحان الله العظيم! ولكنهم سوف يعجزون عن الفتوى في معضلةٍ حين يجدون بعض الناس عنده عاهةً مستديمةً وبسببها لا يستطيع الصيام، فبماذا سوف يفتونه؟ فإن قالوا عدّة من أيامٍ أُخر، ومن ثم يقول لهم ولكن لديه عاهة مستديمة يتعاطى العلاج بشكلٍ مستمرٍ وليس مرضٌ عابراً حتى أعوّض الصيام من بعد الشفاء. وآخر يأتيهم فيقول: "إنّي أشتغل على أسرتي في فرزة سفرٍ مستمرٍ مئات الكيلومترات وأطيق الصوم بصعوبةٍ بالغةٍ". فإن قالوا له: "فعدّة من أيامٍ أُخر"، فسوف يقول: " ولكن هذا عملي في رمضان وفي الفطر؛ سفرٌ مستمرٌ في فرزة للبحث عن رزق أبي وأمي وتوفير قوت أولادي وزوجتي، وأواجه صعوبةً بالغةً في الصيام"، ومن ثم يقول له المهديّ المنتظَر: فلتطعم في كلّ يوم مسكيناً أو صائماً؛ عابرَ سبيلٍ، أو تعطي ما يعادل فطوره نقداً أو تعطيه لأحدٍ يقوم بالمهمة فيطعم مسكيناً أو يفطِّر صائماً؛ عابرَ سبيلٍ أو فقيراً أو محتاجاً. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} صدق العظيم [البقرة:184].
ففي هذا الموضع في الكتاب أذِن الله للذين يُطيقون الصيام بشِق الأنفُسِ أن يفطروا مقابل فديةٍ (طعامُ مسكين).
فهل فقهتم الخبر وبيان المهديّ المنتظَر في تقديم الفدية مقابل الإفطار؟ فلا يزال لدينا كثيرٌ من البرهان للمُمترين المعرضين عن البيان الحقّ المبين.
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
أخوكم الإمام المهدي ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــ